فصل: من فوائد ابن تيمية في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد ابن تيمية في السورة الكريمة:

سُورَةُ تَبَّتْ:
قال شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ:
سُورَةُ تَبَّتْ:
نَزَلَتْ فِي هَذَا وَامْرَأَتِهِ وَهُمَا مِنْ أَشْرَفِ بَطْنَيْنِ فِي قُرَيْشٍ وَهُوَ عَمُّ على وَهِيَ عَمَّةُ مُعَاوِيَةَ وَاَللَّذَانِ تَدَاوَلَا الْخِلَافَةَ فِي الْأُمَّةِ هَذَانِ الْبَطْنَانِ: بَنُو أُمَيَّة وَبَنُو هَاشِمٍ وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَمِنْ قَبِيلَتَيْنِ أَبْعَدَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَاتُّفِقَ فِي عَهْدِهِمَا مَا لَمْ يُتَّفَقْ بَعْدَهُمَا. وَلَيْسَ فِي القرآن ذَمُّ مَنْ كَفَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم بِاسْمِهِ إلَّا هَذَا وَامْرَأَتَهُ فَفِيهِ أَنَّ الْأَنْسَابَ لَا عِبْرَةَ بِهَا بَلْ صَاحِبُ الشَّرَفِ يَكُونُ ذَمُّهُ عَلَى تَخَلُّفِهِ عَنْ الْوَاجِبِ أَعْظَمَ. كَمَا قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ} الْآيَةَ.
قال النَّحَّاسُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْخُسْرِ وَفِي قراءة عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ تَبَّ وَقوله: {وَمَا كَسَبَ} أَيْ ولدهُ. فَإِنَّ قوله: {وَمَا كَسَبَ} يَتَنَاوَلُهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ ولدهُ مِنْ كَسْبِهِ. وَاسْتُدِلَّ بِهَا عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ مَالِ الْولد. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ: {سَيَصْلَى نَارًا} أَخْبَرَ بِزَوَالِ الْخَيْرِ وَحُصُولِ الشَّرِّ و(الصِّلِيّ) الدُّخُولُ وَالِاحْتِرَاقُ جَمِيعًا. وَقوله: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} إنْ كَانَ مَثَلًا لِلنَّمِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا تُضْرِمُ الشَّرَّ فَيَكُونُ حَطَبَ الْقُلُوبِ وَقَدْ يُقال: ذَنْبُهَا أَعْظَمُ وَحَمْلُ النَّمِيمَةِ لَا يُوصَفُ بِالْحَبْلِ فِي الْجِيدِ وَإِنْ كَانَ وَصْفًا لِحَالِهَا فِي الْآخِرَةِ كَمَا وَصَفَ بَعْلَهَا وَهُوَ يَصْلَى وَهِيَ تَحْمِلُ الْحَطَبَ عَلَيْهِ كَمَا أَعَانَتْهُ عَلَى الْكُفْرِ. فَيَكُونُ مِنْ حَشْرِ الْأَزْوَاجِ وَفِيهِ عِبْرَةٌ لِكُلِّ مُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى الْإِثْمِ أَوْ عَلَى إثْمٍ مَا أَوْ عُدْوَانٍ مَا. وَيَكُونُ القرآن قَدْ عَمَّمَ الْأَقْسَامَ الْمُمْكِنَةَ فِي الزَّوْجَيْنِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ إمَّا كَإِبْرَاهِيمَ وَامْرَأَتِهِ وَإِمَّا هَذَا وَامْرَأَتُهُ وَإِمَّا فِرْعَوْنُ وَامْرَأَتُهُ وَإِمَّا نُوحٌ وَامْرَأَتُهُ وَلُوطٌ وَيَسْتَقِيمُ أَنْ يُفَسَّرَ حَمْلُ الْحَطَبِ بِالنَّمِيمَةِ بِحَمْلِ الْوَقُودِ فِي الْآخِرَةِ كَقوله: «مَنْ كَانَ لَهُ لِسَانَانِ» إلَخْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

سورة المسد:
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)}
قوله: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ}: أي: خَسِرَتْ، وتقدَّم تفسيرُ هذه المادةِ في سورة غافر في قوله: {إِلاَّ فِي تَبَابٍ} [غافر: 37]، وأسند الفعلَ إلى اليدَيْنِ مجازًا لأنَّ أكثرَ الأفعالِ تُزاوَلُ بهما، وإنْ كانَ المرادُ جملةَ المَدْعُوِّ عليه. وقوله: {تَبَّتْ} دعاءٌ، و{تَبَّ} إخبارٌ، أي: قد وقع ما دُعِيَ به عليه. كقول الشاعر:
جَزاني جَزاه اللَّهُ شرَّ جَزائِه ** جزاءَ الكِلابِ العاوياتِ وقد فَعَلْ

ويؤيِّده قراءة عبد الله {وقد تَبَّ} والظاهرُ أنَّ كليهما دعاءٌ، ويكونُ في هذا شَبَهٌ مِنْ مجيءِ العامِّ بعد الخاصِّ؛ لأنَّ اليَدَيْن بعضٌ، وإن كان حقيقةُ اليدَيْن غيرَ مرادٍ، وإنما عَبَّر باليدَيْنِ؛ لأن الأعمال غالِبًا تُزاوَلُ بهما.
وقرأ العامة: {لَهَبٍ} بفتح الهاء. وابنُ كثيرٍ بإسكانِها. فقيل: لغتان بمعنىً، نحو النَّهْر والنَّهَر، والشَّعْر والشَّعَر، والنَّفَر والنَّفْر، والضَّجَر والضَّجْر.
وقال الزمخشري: وهو مِنْ تغييرِ الأعلامِ كقوله: (شُمْس ابن مالك) بالضم، يعني أنَّ الأصلَ شَمْسِ بفتح الشين فَغُيِّرَتْ إلى الضَمِّ، ويُشير بذلك لقول الشاعر:
وإنِّي لَمُهْدٍ مِنْ ثَنَائِي فَقاصِدٌ بِهِ ** لابنِ عَمِّ الصِّدْقِ شُمْسِ بنِ مالكِ

وجَوَّزَ الشيخُ في (شُمْس) أَنْ يكونَ منقولا مِنْ (شُمْس) الجمع مِنْ قوله: (أذنابُ خيلٍ شُمْسٍ) فلا يكونُ من التغيير في شيءٍ. وكنى بذلك: إمَّا لالتهابِ وجنَتَيْه، وكان مُشْرِقَ الوجهِ أحمرَه، وإمَّا لِما يَؤُول إليه مِنْ لَهَبِ جنهمَ، كقولهم: أبو الخيرِ وأبو الشَّرِّ لصُدورِهما منه. وإمَّا لأنَّ الكُنيةَ أغلبُ من الاسم، أو لأنَّها أَنْقصُ منه، ولذلك ذكرَ الأنبياءَ بأسمائِهم دون كُناهم، أو لُقْبحْ اسمِه، فإنَّ اسمَهِ (عبد العزى) فعَدَلَ إلى الكُنْية، وقال الزمخشري: فإنْ قلتَ: لِمَ كَناه والكُنيةُ تَكْرُمَةٌ؟ ثم ذكَرَ ثلاثةَ أجوبةٍ: إمَّا لشُهْرَتِه بكُنْيته، وإمَّا لقُبْحِ اسمِه كما تقدَّم، وإمَّا لأنَّ مآلَه إلى لهبِ جهنمِ. انتهى.
وهذا يقتضي أنَّ الكنيةَ أشرفُ وأكملُ لا أنقصُ، وهو عكسُ قول تقدَّمَ آنفًا.
وقرئ: {يدا أبو لَهَبٍ} بالواوِ في مكانِ الجرِّ.
قال الزمخشري: كما قيل: علي بن أبو طالب، ومعاويةُ بنُ أبو سفيان، لئلا يتغيَّرَ منه شيءٌ فيُشْكِلَ على السامعِ ول فَلِيْتَةَ بنِ قاسمٍ أميرِ مكة ابنان، أحدهما: عبدِ الله بالجرِّ، والآخرُ عبدَ الله بالنصب. ولم يَختلف القراء في قوله: {ذاتَ لَهَب} أنها بالفتح. والفرقُ أنها فاصلةٌ فلو سَكَنَتْ زال التَّشاكلُ.
{مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)}
قوله: {مَآ أغنى}: يجوزُ في (ما) النفيُ والاستفهامُ، وعلى الثاني تكون منصوبةَ المحلِّ بما بعدَها التقدير: أيُّ شيء أغنى المالُ؟ وقُدِّم لكونِه له صَدْرُ الكلامِ.
قوله: {وَمَا كَسَبَ} يجوز في (ما) هذه أَنْ تكونَ بمعنى الذي، فالعائد محذوفٌ، وأَنْ تكونَ مصدريةً، أي: وكَسْبُه، وأَنْ تكونَ استفهاميةً يعني: وأيَّ شيءٍ كَسَبَ؟ أي: لم يَكْسَبْ شيئًا، قاله الشيخُ، فجعل الاستفهامَ بمعنى النفيِ، فعلى هذا يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً، ويكونَ المعنى على ما ذَكَرَ، وهو غيرُ ظاهرٍ وقرأ عبد الله: {وما اكْتَسَبَ}.
{سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)}
قوله: {سيصلى} العامَّةُ على فتحِ الياءِ وإسكانِ الصادِ وتخفيفِ اللامِ، أي: يصلى هو بنفسِه. وأبو حيوةَ وابنُ مقسمٍ وعباسٌ في اختيارِه بالضمِّ والفتحِ والتشديدِ. والحسن وأبن أبي إسحاق بالضمِّ والسكون.
{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)}
قوله: {وامرأته حَمَّالَةَ الحطب}: قراءة العامَّةِ بالرفع على أنهما جملةٌ مِنْ مبتدأ وخبرٍ سِيْقَتْ للإِخبار بذلك.
وقيل: {وامرأتُه} عطفٌ على الضميرِ في {سَيَصْلى}، سَوَّغَه الفصلُ بالمفعولِ. و{حَمَّالةُ الحطبِ} على هذا فيه أوجهٌ: كونُها نعتًا لـ: {امرأتهُ}. وجاز ذلك لأن الإِضافةَ حقيقيةٌ؛ إذا المرادُ المضيُّ، أو كونُها بيانًا أو كونُها بدلًا لأنها قريبٌ مِنْ الجوامدِ لِتَمَحُّضِ إضافتِها، أو كونُها خبرًا لمبتدأ مضمرٍ، أي: هي حَمَّالةُ.
وقرأ ابنُ عباس {ومُرَيَّتُهُ} و{مْرَيْئَتُهُ} على التصغير، إلاَّ أنَّه أقَرَّ الهمزةَ تارةً وأبدلَها ياءً، وأدغم فيها أخرى.
وقرأ العامةُ {حَمَّالَةُ} بالرفع. وعاصمٌ بالنصبِ فقيل: على الشَّتْم، وقد أتى بجميلٍ مَنْ سَبَّ أمَّ جميل.
قاله الزمخشري، وكانت تُكْنَى بأمِّ جميل.
وقيل: نصبٌ على الحالِ مِنْ {أمرأتُه} إذا جَعَلْناها مرفوعةً بالعطفِ على الضَّميرِ. ويَضْعُفُ جَعْلُها حالًا عند الجمهور من الضميرِ في الجارِّ بعدها إذا جَعَلْناه خبرًا لـ: {امرأتُه} لتقدُّمها على العاملِ المعنويِّ. واستشكل بعضُهم الحاليةَ لِما تقدَّم من أنَّ المرادَ به المُضِيُّ، فيتعرَّفُ بالإِضافةِ، فكيف يكونُ حالًا عند الجمهور؟ ثم أجابَ بأنَّ المرادَ الاستقبالُ لأنَّه وَرَدَ في التفسير: أنها تحملُ يومَ القيامةِ حُزْمَةً مِنْ حَطَبِ النار، كما كانت تحملُ الحطبَ في الدنيا.
وفي قوله: {حَمَّالَةَ الحطب} قولان. أحدهما: هو حقيقةُ.
والثاني: أنه مجازٌ عن المَشْيِ بالنميمةِ ورَمْيِ الفِتَنِ بين الناس.
قال الشاعر:
إنَّ بني الأَدْرَمِ حَمَّالو الحَطَبْ ** هُمُ الوشاةُ في الرِّضا وفي الغضبْ

وقال آخر:
مِنْ البِيْضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ ** ولم تَمْشِ بين الحَيِ بالحطبِ الرَّطْبِ

جَعَلَه رَطْبًا تنبيهًا على تَدْخينه، وهو قريبٌ مِنْ ترشيحِ المجازِ.
وقرأ أبو قلابة {حاملةَ الحطبِ} على وزن فاعِلَة. وهي محتملةُ لقرأةِ العامَّةِ. وعباس {حَمَّالة للحطَبِ} بالتنوين وجَرِّ المفعولِ بلامٍ زائدةٍ تقويةً للعاملِ، كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] وأبو عمروٍ في رواية: {وامرأتُه} باختلاسِ الهاءِ دونَ إشباعٍ.
{فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)}
قوله: {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ}: يجوزُ أَنْ يكونَ {في جيدِها} خبرًا لـ: {امرأتُه} و{حبلٌ} فاعلٌ به، وأَنْ يكونَ حالًا مِنْ {امرأتُه} على كونِها فاعلة. و{حبلٌ} مرفوعٌ به أيضًا، وأَنْ يكونَ خبرًا مقدَّمًا. و{حَبْلٌ} مبتدأٌ مؤخرٌ. والجملةُ حاليةٌ أو خبر ثانٍ، والجِيْدُ: العُنُق، ويُجْمع على أجيادُ.
قال امرؤ القيس:
وجِيْدٍ كجِيْدِ الرِّئْمِ ليس بفاحِشٍ ** إذا هي نَصَّتْهُ ولا بمُعْطَّلِ

و{مِّن مَّسَدٍ} صفةٌ لـ: {حَبْل} والمَسَدُ: لِيْفُ المُقْلِ: وقيل: اللِّيفُ مطلقًا.
وقيل: هو لِحاءُ شَجَرٍ باليمن.
قال النابغة:
مَقْذُوْفَةٌ بِدَخِيْسِ النَّحْضِ بَازِلُها ** له صريفٌ صَريفُ القَعْوِ بالمَسَدِ

وقد يكونُ مِنْ جلود الإِبل وأَوْبارِها. وأنشد:
ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيانِقِ

ويقال: رجلٌ مَمْسود الخَلْق، أي: شديدُه. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في اليد:
اليَدُ: الكَفُّ، وقيل: اليَدُ من أَطْرافِ الأَصابع إِلى الكَتِفِ وأَصلُها يَدْىٌ، والجَمْعُ يُدِىٌّ، وجمع الجمع أَيادٍ.
وفيها لُغات: اليَدُ بالتخفيف، واليَدُّ بالتشديد، واليَدَى كفَتَى، واليَدَه.
وإِنمّا قلنا أَصلها يَدْىٌ لأَنهم يجمعونها على أَيْدٍ، وأَيْدٍ أَفْعُلٌ، وأَفعُلٌ في جمع فَعْلٍ أَكثرُ نحو أَظْبٍ وأَفْلُس، قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ}، وقوله تعالى: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} وقولهم: يَدَيان يدلّ على أَنَّ أَصلَه فَعْلٌ.
ويَدَيْتُه: ضربتُ يَدَه.
واستُعِير اليَدُ للجاهِ، والوَقارِ، والطَّرِيق، ومَنْع الظُلْم، والقُوَّةِ، والقُدْرَة، والسُّلْطانِ، والمِلْكِ- بكسر الميم- والجماعَةِ، والأَكل، والنَّدَم، والغِياثِ، والإِسْلامِ، والذُلِّ، والنِّعْمَة، والإِحسان، والجمع: يُدِىٌّ مثلَّثة الأَوّل، وأَيْدٍ.
ويُدِىَ كعُنَى، ويَدِىَ كرَضِىَ، وهذه ضعيفة: أُولِىَ بِرًّا.
ويَدَيْتُه: أَصَبْتُ/ يَدَه؛ واتْخَذْت عنده يَدًا كأَيْدَيْتُ عِنْدَه، وهذه أَكثر، فأَنا مُودٍ، وهو مُودًى إِليه.
ويقال: هذا في يَدِ فُلان، أي في حَوْزه ومِلْكه، قال الله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَاْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}.
ولفُلان يَدٌ على كذا، أي قُوَّةٌ وتسلُّطٌ.
ومالِى بكذا يَدٌ، وَمالى به يَدانِ.. وَيدُهُ مُطْلَقَة، عبارة عن بَثِّ النِّعْمة، ويَدُه مَغْلُولَة، عبارة عن إِمْساك النِّعَم، قال الله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} تنبيها على التوسُّط بين طَرَفى التبذير والتَّقتير.
ويُقال: نَفضْتُ يَدِى عن كذا، أي خَلَّيْتُه وَتَركتُه.
وقوله تعالى: {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} أي قَوَّيْتُ يَدَك وقوله: {فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} تنبيه أَنَّهم اخْتَلَقُوه، وذلك كنسبة القول إِلى أَفْواهِهم في قوله: {ذلك قولهم بِأَفْوَاهِهِمْ} تنبيهًا على اختلاقِهم.
وقوله تعالى: {أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} إِشارَة إِلى القُوَّةِ الموجودة لهم.
وقوله: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ} أي القَوىّ.
وقوله: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} أي يُعْطُون ما يُعْطُون عن مُقابَلَةِ نِعْمَة عليهم في مُقارَّتِهِم.
ومَوْضِعُ قوله عن يَد حالٌ.
وقيل: بعد اعْتِرافِ أَنَّ أَيْدِيَكم فَوْق أَيْدِيهم، أي يُلْزَمون الذُل.
ويقال: فلانٌ يَدُ فُلان، أي وَلِيُّه وناصِرُهُ.
ويقال لأَولِياءِ الله هم أَيْدِى الله، وعلى هذا الوجه قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} فإِذا يَدُه صلى الله عليه وسلم يَدُ الله، وإِذا كان يَدُه فوق أُيْدِيهم فيَدُ الله فوق أَيْدِيهم.
ويؤيّد ذلك ما في الصّحيحين من الحديث القدسىّ: «لا يزال العَبْدُ يَتَقَرّب إِلّى بالنَّوافل حَتَّى أُحِبَّه، فإِذا أَحْبَبْتُه كنتُ سَمْعَه الذي يَسْمَع به، وبصره الذي يُبْصر بهِ، ويَدُه التي يَبْطِشُ بها».
وقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} عبارةٌ عن تَوَلِّيهِ لِخَلْقه باختراعه الذي ليس إِلا له تعالى.
وخُصَّ لفظُ اليَد إِذ هي أَجَلُّ الجوارح التي يُتَوَلَّى بها الفعل فيما بيننا لِيُتَصَوَّر لنا اختصاصُ المعنَى، لا لنَتَصَوَّر منه تَشْبِيهًا.
وقيل: معناه بنِعْمَتى التي رشَّحْتُها لهم.
والباءُ فيه ليس كالباءِ في قَطَعْتُه بالسِكين، بل هو كقولهم: خرجَ بسَيْفه، أي ومَعَه سَيْفُه، أي خلقتُه ومعه نِعْمتاىَ الدُّنْيَويّة والأُخَروِيّة الَّلتان إِذا رعاهُما بلغ بهما السّعادة الكبرى.
وقوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}.
قيل: نِعْمَتُه ونُصْرَتُه وقُوَّته.
ورجُلٌ يَدِىٌّ، وامرأَةٌ يَدِيَّةٌ، أي صَناعٌ.
وقوله: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} أي نَدِمُوا، يقال: سُقِط في يده وأُسْقِط، وذلك عبارة عن المُتَحَسِّر أَو عمّن يُقَلِّب كَفَّيْه كما قال تعالى: {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا}.
وقوله تعالى: {فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} أي كَفُّوا عمّا أُمِرْوا بقَبُوله من الحقَّ، يقال رَدَّ يَدَه في فَمِهِ، أي أَمْسَك ولم يُجبْ.
وقيل: رَدُّوا أَيْدِى الأَنبياءِ في أَفْواههم، أي قالوا ضَعُوا أَنامِلَكم على أَفواهكم واسْكُتُوا.
وقيل: رَدُّوا نِعَمَ الله بأَفْواههم، أي بتكذيبهم.
وقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، أي يد نِعْمَته ويَد مِنَّتِه.
وفى الحديث «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ من اليَدِ السُّفْلَى».
وقيل في قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} إِنَّها على الأَصل، لأَنَّ يَدَا لفة في اليَد، أَوْ هي الأَصلُ وحُذِف أَلِفُه كما قدّمناه، وقيل بل هي تَثْنِيَة اليَدِ. اهـ.